الرئيسية / الفتاوى / المفاضلة بين الابناء

المفاضلة بين الابناء

السؤال :

ما هو حكم الشرع فيمن يريد أن يعطي أبناءه من أمواله هبه لهم فيفاضل بينهم في العطاء حسب تقديره لحاجتهم.
وهل يجوز له أن يقسم أمواله كلها أو بعضها بينهم حسب تقسيم الميراث . فيعطي للذكر مثل حظ الانثيين .

الجواب :

لا خلاف بين العلماء في أن التسوية بين الأبناء مستحبة في العطية ، وأنه تكره المفاضلة . واختلفوا في وجوب التسوية فذهب الحنفية والمالكية والشافعية الى ان التسوية مستحبة ، لأن ابا بكر الصديق رضي الله عنه وهب عائشة ابنته رضي الله عنها دون ابنائه ، وفضل عمر رضي الله عنه ابنه عاصما بهبه دون أولاده ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال للنعمان بن بشير رضي الله عنهما في احدى الروايات : " فأشهد على هذا غيري " ( مسلم 3/1243) فهذه العبارة تدل على الجواز لا الوجوب . وذهب الحنابلة الى وجوب التسوية بين الأولاد في الهبة ، فيأثم إن فاضل بينهم واستندوا الى حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه قال : وهبني أبي هبة . فقالت أمي عمرة بنت رواحة رضي الله عنها : لا أرضى حتى تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله : إن أم هذا أعجبها أن أشهد على الذي وهبت لابنها : فقال صلى الله عليه وسلم " يا بشير ألك ولد سوى ؟ قال : نعم ، قال : كلهم وهبت له مثل هذا ؟ قال : لا ، قال : فأرجعه " وفي رواية " اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم " وفي رواية فأشهد على هذا غير " ( البخاري 5/211 ومسلم 3/1241) وهذه الرواية الأخيرة هي التي تمسك بها الجمهور كما سبق ، ورأيهم ارجح . ولكن الأب إن فاضل بين أولاده لسبب فتجوز حينئذ المفاضلة قال ابن قدامه الحنبلي : إن خص بعضهم لمعنى يقتضي تخصيصه ، مثل اختصاصه بحاجة ، أو زمانة ، مرض مزمن ، أو عمى ، أو كثرة عائلة ، أو اشتغاله بالعلم ، أو نحوه من الفضائل ، أو صرف عطيته عن بعض ولده لفسقه ، أو بدعته ، أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله أو ينفقه فيها ، فقد روى عن أحمد بن حنبل ما يدل على جواز ذلك ، (المغني 6/53) ورأي الحنابلة هنا وجيه . وأما تقسيم الأب أمواله كلها أو بعضها حسب تقسيم الميراث في حياته فيرجع الى مفهوم التسوية في العطية فذهب جمهور الفقهاء الى أن معنى التسوية هو بين الذكر والانثى . وذهب الحنابلة وبعض الشافعية ، وبرأيهم نأخذ ، الى أن العطية تكون على حسب الميراث قال ابن قدامة : التسوية المستحبة حسب قسمة الله تعالى الميراث ، فيجعل للذكر مثل حظ الانثيين لأن الله تعالى قسم بينهم ، فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين ، وأولى ما اقتدى بقسمة الله ، ولأن العطية في الحياة أحد حالي العطية فيجعل للذكر منها مثل حظ الأنثيين ، كحالة الموت ، يعني الميراث . ولقول عطاء رضي الله عنه عن فعل الصحابة : ما كانوا يقسمون إلا على كتاب الله تعالى . ولأن الذكر أحوج من الأنثى من قبل أنهما اذا تزوجا جميعا فالصداق والنفقة ونفقة الأولاد على الذكر ، والأنثى لها ذلك كله منه ، فكان أولى بالتفضيل لزيادة حاجته ، وقد قسم الله الميراث ففضل الذكر مقرونا بهذا المعنى ، فتعلق به ، أي يجعل ذلك علة ، ويتعدى حكمه الى العطية في الحياة ، ويحقق ذلك أن العطية استعجال لما يكون بعد الموت . وأما حديث بشير فهو قضية في عين ـ أي حادثة فردية ـ وحكاية حال لا عموم لها ، ولا نعلم حال أولاد بشير ، وهل كان فيهم أنثى ، أو لا ؟ ولعل النبي صلى الله عليه وسلم قد علم أنه ليس له إلا ولد ذكر . (المغني بتصرف 6/53)

شاهد أيضاً

الوطن والمواطنة في ميزان الشريعة الإسلامية

الوطن والمواطنة في ميزان الشريعة الإسلامية

التحوط في المعاملات المالية

بحث التحوط في المعاملات المالية

تحويل البنوك التقليدية لبنوك اسلامية ( المبادئ والضوابط والإجراءات )

تحويل البنوك التقليدية إلى بنوك اسلامية