الرئيسية / المقالات / كلمة المشاركين في مؤتمر الأئمة والخطباء

كلمة المشاركين في مؤتمر الأئمة والخطباء

 

 

 

 

 

كلمة المشاركين

في مؤتمر الأئمة والخطباء

وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية

فندق كراون بلازا – الفروانية – الكويت

خلال الفتـرة 22 – 24 / 03 / 2009 م

للشيخ

عجيل جاسـم النشمي

 

 


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين .. وبعد فيقول الله تعالى:   يَرْفَع ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ” المجادلة :11

سعادة المستشار ناصر الحريتي – وزير العدل ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية الموقر ممثل سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد الأحمد الصباح راعي الحفل الموقر  .

أصحاب الفضيلة العلماء

 أيها الحضور الكرام . وأخص المشايخ أصحاب المقام الكريم الأئمة والخطباء المحتفى بهم ، ونحن مجتمعون في مؤتمركم الثالث من أجل تكريمكم ، وتقديم الشكر لكم . وأخصكم في كلمتي هذه حسب طلب أمانة  المؤتمر .

 

أيها الأئمة والخطباء :

إن مقامكم عند الله عظيم ، ولم لا ؟ فأنتم من تقومون مقام سيد الخلق r ، أول من صعد المنبر فصدع بالحق  ، فبلغ الرسـالة ، وأدى الأمانة ، ونصح الأمة ، وترك لكم أنتم شرف هذا المقام ، لتبليغ الرسالة ، وأداء الأمانة ، والنصح للأمة ، فما أشرفه من مقام ، وما أعظمها من مهمة أكرمكم بها الله تعالى ورسوله r .

وإنما شرف مقامكم بشرف ما تحملون ، فأنتم حفظة كتاب الله ، في جوفكم قرآن ، هذا الهدى والسراج المنير والفرقان والنور المبين ، وإن نجاتكم هي بحمـل الأمانة التي عجزت عن حملها السموات والأرض والجبال ، وبقدر ما تتحملون وما تكرمون به كتاب الله يكرمكم الله ويعلى شأنكم ، وما ذلك بالهين من الأمر.

وكما أنكم حملة كتاب الله ، فأنتم حملة الدين والعلم ، أنتم عدوله وحماته الذين بشر بكم رسول الله r ، فقال r : ” يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الجاهلين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الغالين ” حديث صحيح أخرجه أحمد .

 

أيها الأئمة والخطباء الكرام :

أنتم الذين حذّر الله بكم الأمة أن تخلو الأرض منكم ، فإن خلت فهذا نذير ميراث الله الأرض ومن عليها ، كما قال r : ” إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينزعه من العباد ، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء ، حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤساء جهالا  فأفتوا بغير علم ، فضلوا وأضلوا ” أخرجه البخاري .

وأنتم الذين قد سما الإسلام بمقامكم ، حتى جعل لكم إمامة تقرب أهمية من إمامة خليفة المسلمين ؛ ولذا قسم أهل العلم الإمامة إلى اثنتين : إمامة كبرى ، وهي إمامة خلافة المسلمين ، وإمامة صغرى ، هي إمامة الصلوات .

وهما منصبان لا يستغني عنهما المسلمون على مرّ العصور ، بل إن الإمامة الصغرى إمامة الصلاة أشد ضرورة من الإمامة لكبرى ، فقد تنقطع الإمامة الكبرى فيضعف المسلمون فتذهب ريحهم وشوكتهم مصداق حالهم اليوم ، ولكن الإمامة الصغرى لا تحتمل الانقطاع ؛ لأن بها يحفظ الله الدين ، وتقام الصلوات والجمع والأعياد ، وهي في كل ذلك على الاسـتمرار إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، وانقطاعها – لا قدر الله – إيذان بقرب قيام الساعة ، وعلامة من علاماتها . ولذا فإن إمامة الصلاة مقدمة في الأهمية على الإمامة الكبرى إمامة الخلافة          

و أجود من قولنا هذا في تقديم الصغرى على الكبرى قول ابن خلدون : اعلم أن الخطط الدينية الشرعية من الصلاة والفتيا والقضاء والجهاد والحسبة كلها مندرجة تحت الإمامة الكبرى التي هي الخلافة، فكأنها الإمام الكبير والأصل الجامع، وهذه كلها متفرعة عنها وداخلة فيها لعموم نظر الخلافة وتصرفها في سائر أحوال الملة الدينية والدنيوية، وتنفيذ أحكام المشرع فيها على العموم.

فأما إمامة الصلاة فهي أرفع هذه الخطط كلها وأرفع من الملك بخصوصه المندرج معها تحت الخلافة. ولقد يشهد لذلك استدلال الصحابة في شأن أبي بكر رضي الله عنه باستخلافه في الصلاة على استخلافه في السياسة في قولهم: ارتضاه رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا، أفلا نرضاه لدنيانا؟ فلولا أن الصلاة أرفع من السياسة لما صح القياس.(مقدمة ابن خلدون 1/14)

ويظهر جلياً مما سبق وبخاصة العلاقة بين إمامة الخلافة وإمامة الصلاة ، وموقع الخليفة وموقع إمام الصلاة : أن المسلمين في هذا العصر أو قرن قبله لم ينزلولكم مقامكم ، ولم يقدروا لكم قدركم ، بل إن منهم من ظاهروا عليكم ليفتنوكم أو يخرجوكم من دياركم أو يسجنوكم ، وذلك كله قد كان في بعض بلاد المسلمين وفي عصور مختلفة، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

أيها الأئمة والخطباء:

إن مما يظهر جلياً أيضاً ويحتاج إلى لفت النظر ، أن كثيراً من بلاد المسلمين عنوا عناية كبيرة بالمساجد بناءً وفخامةً وعلواً وسعة وزخرفاً ، وكل ذلك محمود وهو موضع التقدير والشكر ، لكنهم في الوقت ذاته لم يولوا منصب الإمامة والخطابة ما يوازي ذلك المحمود أو يقاربه ، فجعلوا الإمامة والخطابة أقرب إلى العمل الوظيفي الإداري ، منه إلى التوجيه والريادة ، بل كان منصبكم إلى عهد قريب منصب تندر واستهزاء ، في حين أن الإمامة ذاك مقامها وخطورتها التي بينها النبي r ، فهي كالروح لجسد المسجد وحياته ونبضه وعافيته ، يحيا بحياتها ، ويموت بموتها .

ونحن اليوم والحمد لله في عودة وئيدة إلى إحياء ذاك الدور ، ليواكب الصحوة الإسـلامية ، والمستجدات الاجتماعية والثقافية والإعلامية ، وما هذا الاجتماع والاحتفاء إلا مظهر لذلك ، فقد – والله – أصبح مقام الإمامة والخطابة – أو هكذا ينبغي أن يكون – من أهم وسائل الإعلام المؤثرة ، والحاجة للعناية به تشتد ضرورة ؛ لتكون على مستوى الأحداث والوسائل الإعلامية الرهيبة ، وخاصة تلك المواقع على الإنترنت والفضائيات المنفلتة من دائرة الأخلاق والدين ، والموجهة قصداً للشباب والشابات من المسلمين ، تهدم فيهم أخلاقهم والتزامهم بدينهم وتصدهم عن ركب الصحوة والصحبة الصالحة ؛ ولذا لزم الإمام والخطيب اليوم أن يعيش عصره ، ويواكب مستجداته ، ومن أجل أن يعيش الإمام عصره فعلا أقترح أن يمكّن الأئمة من الاطلاع يومياً على الصحف والمجلات وبخاصة الفضائيات ، وأن يُخصص مكان يلتقي فيه الأئمة والخطباء ولو في كل منطقة على حدة ؛ ليطلعوا على ما يجري حولهم ، فيتبادلوا الحوار والنقاش ، ويوحدوا رأيهم ، ويختاروا ما يلزم التنويه به في دروسهم وخطبهم .

وأخيراً ، لا يسعني إلا الشكر للقائمين على هذا المؤتمر ، والدعاء لمشايخنا الأئمة والخطباء ، وفقكم الله ، وسدد للخير خطاكم .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

شاهد أيضاً

الوطن والمواطنة في ميزان الشريعة الإسلامية

الوطن والمواطنة في ميزان الشريعة الإسلامية

التحوط في المعاملات المالية

بحث التحوط في المعاملات المالية

تحويل البنوك التقليدية لبنوك اسلامية ( المبادئ والضوابط والإجراءات )

تحويل البنوك التقليدية إلى بنوك اسلامية