الرئيسية / الفتاوى / تحديد نوع الجنين

تحديد نوع الجنين

السؤال :

ما هو حكم الإسلام في المسلم الذي يريد ذريته من الذكور وقد رزقه الله عددا من الإناث ، هل يجوز له شرعا أن يذهب إلى بعض الأطباء ليقوموا له ببعض الأعمال والفحوصات بحيث تكون ذريته من الذكور، وهل تعارض عقيدة المسلم هذه القضية التي تسمى ” التحكم بنوع الجنين ” وهل يعارض ذلك قوله تعالى: “إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري ماذا تكسب غدا وما تدرى نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير “وهل يعتبر هذا الفعل تغييرا لخلق الله ؟

الجواب :

هذا سؤال ذو وجهين أو جانبين علم وفقهي وقد أجابت عنه ندوة " الإنجاب في ضوء الإسلام المنعقدة في الكويت 11 شعبان 1403 الموافق 24 مايو 1983 وكان الجواب في جملته مما تناولته أبحاث الندوة، ونبدأ ببيان الجانب العلمي ليمكن تصور الموضوع ثم بناء الحكم الشرعي عليه هناك إنجازان علميان في الموضوع: الأول : معرفة جنس الجنين ذكرا أو أنثى بواسطة شفط بعض من السائل المحيط بالجنين بواسطة ابرة من الرحم، وفيه بعض خلايا الجنين من سطح جسمه، وتفحص هذه الخلايا ومنها يعرف جنس الجنين. الثاني: اكتشاف الاختلاف بين المنوى المفضى للذكورة و المنوى المفضى للأنوثه في طائفة من الصفات كالكتله والسرعة والقدرة على اختراق المخاط اللزج في قناة عنق الرحم، والاستجابة للتفاعل الكيمائي لمخاط عنق الرحم وغير ذلك. وقد تم هذا في النطاق الحيواني ويطبق في صناعة تربية الحيوان، وذلك بتحضير كمية كبيرة من السائل المنوي تجمع من عدد كبير من الفحول أمكن فصلها قسمين: أحدهما ترجح فيه المنويات المفضية إلى الأنوثة والآخر ترجح فيه المنويات المفضية إلى الذكورة وباستعمال أحد القسمين في التلقيح الصناعي للإناث أمكن أن يميل ميزان الفردية من النسبة الطبيعية وهي حوالي خمسين في المائة لكل جنس إلى نسبة 70% إلى 30% في اتجاه الجنس المطلوب. وأما من الناحية الفقهية فيمكن توضيح وبيان الحكم الشرعي والإجابة بكل وضوح عن القضايا المذكورة في السؤال وهى: هل التحكم بنوع الجنين يعتبر مصادما لعقيدة المسلم لأنه يعتبر تدخلا في إرادة الله عز وجل ، وهل يعتبر هذا تغييرا لخلق الله عز وجل، وهل الآية الكريمة المذكورة في السؤال تتصادم مع علم الله بما في الأرحام؟ فيجاب عن هذا بأن الموضوع لا يدخل في باب العقيدة مطلقا بل يجب أن نعتقد أن كل ما يتوصل إليه الإنسان إنما هو بإرادة الله وعلمه، فلو فرضنا أن طبيبا أو مجموعة من الأطباء غير المسلمين توصلوا إلى قضية التحكم في نوع الجنين، هل معنى هذا أن إرادتهم وعلمهم غلب إرادة الله وعلمه، لا يحق لمسلم أن يعتقد هذا وإلا خرج من الملة والدين والعياذ بالله، فإرادة الله هي الغالبة لا ريب، وان النتيجة النهائية التي تحصل هي إرادة الله، والله عز وجل هو الذي أقدرنا على ذلك، وهو الذي أوصل إلى هذه النتيجة ، فالمسألة ليست عقائدية قطعاً وإنما هي هل حلال إن نفعل ذلك أم حرام ؟ ومن ناحية أخرى فان هذا الموضوع ليس فيه تغيير لخلق الله، فالحيوان المنوي هو الحيوان المنوي، و البويضة هي البويضة، و إنما هناك تدخل من الإنسان في أن تلقح هذه البويضة بنوع من الحيوان المنوي فهنا لا تغيير لخلق الله تبارك وتعالى، و الله له الخلق والأمر، والحيوان المنوي خلقه والبويضة خلقه، والموضوع لا يدخل في تغيير خلق الله، وإنما هو يدخل في قضية الأحكام، هل هذا يجوز أو لا يجوز. والتحكم إذا خلا من المقاصد الفاسدة والشريرة، فهو من باب أخذ الأسباب والمعالجات التي تكورا قبل الحمل، كتحديد موعد التقاء الزوجين أو أخذ أدوية معينة، وقد أباح الإسلام العزل وهو نوع من التحكم ومن ناحية أخرى أجاز الإسلام أن يدعو المسلم ربه أن يرزقه ذكرا أو أنثى، وقد سأل نبي الله زكريا عليه السلام أن يرزقه الله ذكرا فقال: " فهب لي من لدنك وليا يرثني" (مريم:5 ) فلا مانع من الحرص على ذلك والدعاء به، وأن من المقرر: أن ما يحرم فعله يحرم طلبه، وان من شروط الدعاء ألا يسأل أمرا محرما. ومن جانب آخر يثبت أن لا منافاة لفعل التحكم مع إرادة الله أن مراد الله لا يعرف للإنسان إلا بعد وقوعه، وأرادته تمضى طبقا لما يشاء سبحانه ولا راد لأمره، وهذا مقتضى العقيدة الإيمانية الصحيحة في مسألة القضاء والقدر، فالعلم بالمقدور علما سابقا لوقوعه هو مما أختص الله به ولا يتخلف عنه القضاء الواقع، وإن الذي يقع فعلا مهما تخللت من أسباب شتى أو قامت من موانع وصوارف هو المقدور المغيب وما قواعد الوراثه ‘لا نظم وأسباب كونية أودعها الله في مخلوقاته يرفعها متى تعلقت بذلك إرادته سواء كان ارتفاعها حلالا أو حراما ذلك أن الحرام وازعه هو ما في نفوس المؤمنين من منزلة الخطاب القوى الرادع عن عصيانه، وليس هو الموانع القهرية في صورة المعجزة أو العقوبة المعجلة. وقد يتوهم البعض أن التحكم في جنس الجنين مصادم لقوله تعالى: " يهب لمن يشاء اناثا ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكرانا وإناثا يجعل من يشاء عقيما " (الشورى:49-50) فيما سبق من بيان أن المسلم يعتقد أن إرادة ومشيئة الله هي النافذة، فلا تصادم مع الآية ولذلك جاز أن تذهب المرأة أو الرجل إلى الطبيب لعلاج العقم أخذا بالأسباب ولا أحد يعارض في هذا . والقضية المهمة التي ينبغي أن نلاحظها هنا هو أن هذا التحكم ليس في أيدي المسلمين الذين يراقبون الله فيما يقدمون عليه، ومن جانب آخر فأن عمل ذلك على نطاق فردي لا شيء فيه، مثل العزل أو تنظيم النسب، ولكن يصبح قضية خطيرة إذا كان على نطاق عام يشمل المجتمع لتقنين معين،

شاهد أيضاً

الوطن والمواطنة في ميزان الشريعة الإسلامية

الوطن والمواطنة في ميزان الشريعة الإسلامية

التحوط في المعاملات المالية

بحث التحوط في المعاملات المالية

تحويل البنوك التقليدية لبنوك اسلامية ( المبادئ والضوابط والإجراءات )

تحويل البنوك التقليدية إلى بنوك اسلامية