الرئيسية / المقالات / بحث التوريق والتصكيك وتطبيقاتهما

بحث التوريق والتصكيك وتطبيقاتهما

 

 

 

 

 

 

بحث

التوريق والتصكيك وتطبيقاتهما

للشيخ الدكتور عجيل جاسم النشمي

مقدم

للدورة التاسعة عشرة لمجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة :

إذا ذكر التوريق تذكرالرهون العقارية ويذكر بيع الديون وهذا يساوي الأزمة المالية العالمية التي عصفت بالبنوك الدولية والشركات العملاقة ، بل عصفت باقتصاديات الدول ، فالننظر بعجالة كيف بدأت الأزمة ، وليس هذا خروجاً عن الموضوع ، بل هو الموضوع ذاته ؛ لأن التوريق وسيلة أو أداة مالية أدت إلى هذه الأزمة المالية العالمية .

إذا أطلق مصطلح التوريق فمقصوده : توريق الديون من خلال تحويل هذه الديون إلى أوراق مالية قابلة للتداول ، كما سيأتي .

وقد شهدت أسواق التمويل الدولي خلال السنوات التسع الماضية وحتى يومنا هذا نمواً ملحوظاً كماً ونوعاً في الذمم المدينة (أو الديون) القابلة للتوريق التي طرحتها مؤسسات مالية وغير مالية ، لاسيما المصارف منها ، وقد أصبح التوريق وسيلة أساسية لدى هذه المؤسسات لزيادة حجم سيولتها المالية من خلال تحويل الأصول غير السائلة إلى أصول سائلة، وقد تطورت أسواق التوريق الدولية مع تطور أنواع الأصول المورقة لاسيما تلك التي تتصل بقطاع تمويل المستهلك بالإضافة إلى تطور أنواع المؤسسات المشاركة في الأسواق، ولعل عملية التوريق قد ظهرت جذورها الأولى مع تفجر أزمة المديونية الخارجية العالمية عام 1982م في معظم دول العالم الثالث وتداعي دول العالم إلى تدارس الحلول الملائمة لمشكلة المديونية هذه . كما أن عملية التوريق وجدت جذورها كذلك في مسايرة التبدل الجذري الحاصل منذ الثمانينات في أسلوب التمويل الدولي حيث تم التحويل وبشكل متسارع من صيغة القرض المصرفي إلى صيغة الأوراق المالية لاسيما السندات منها ، وهكذا أصبح القرض المصرفي مجرد تمويل جسري مؤقت إلى حين تسمح السوق المقترض من تأمين احتياجاته التمويلية عبر السندات الدولية وغيرها من إصدارات الأوراق المالية .

وقد بدأ بروز التوريق كظاهرة بشكل خاص في نهاية الثمانينات بالولايات المتحدة ، وتشير الإحصاءات إلى أن سوق التوريق قد ناهز 500 بليون دولار عام 1994 في الولايات المتحدة، وقدرت قيمة القروض المورقة بالسندات الأوروبية Euro Bonds  في العام ذاته في أوروبا بمبلغ مماثل ، وتشير التقديرات إلى أن السنوات القليلة المتبقية على نهاية القرن ستشهد حلول آجال سندات دين في السوق الاوروبي بمعدل 200 بليون دولار سنويا. وهذا الذي الذي حصل فعلا .

وقد كانت بداية التوريق في البورصات المالية الأمريكية ، وكان غرضها حل مشكلة القروض الإسكانية العقارية ثم تحولت أداة للوفاء بمتطلبات كفاية  رأس المال ، ثم لم يطل بمنتج التوريق العهد حتى انتشر في أوربا وبخاصة في بريطانيا وفرنسا ثم إلى كندا واستراليا ونيوزلندا والسويد.. وبدأ هذا المنتج يأخذ دوره في السنوات الأخيرة في الشرق الأوسط ، وشهد  بداية عام 2008 م توسعا كبيرا في أسواق الشرق الأوسط وخاصة منطقة الخليج العربي التي تشهد فورة عقارية ضخمة تدعم هذا النشاط العقاري الذي لم يسبق له مثيل في هذه المنطقة من العالم ، كما شهدت الأسواق الجديدة والتي تشمل أوروبا الشرقية والوسطى وشمال إفريقيا 20 صفقة توريق في النصف الأول من عام 2008 م بقيمة إجمالية بلغت 5.8 مليار دولار أغلبها في روسيا وتركيا وفقا لتقرير” براق قره أوغلو “المحلل في وكالة موديز للتصنيف الائتماني. ووفقا لمركز دبي المالي العالمي فقد تتجه الشركات في الخليج إلى جمع حوالي 250 مليار دولار عن طريق إصدار أوراق مالية بضمان أصول بحلول عام 2010م ، وذلك لتلبية طلب متنام على تمويل العقارات والبنية التحتية. وإن حجم مبيعات الديون بضمان قروض عقارية وأصول في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يبلغ نحو 2.5 مليار دولار حتى الآن. . مضيفا أن مشروعات مزمعة بأكثر من تريليون دولار في الخليج وحده ربما تضاعف هذا الرقم 100 م(1).

(1) التوريق سعيد عبد الخالق 7 والتوريق المصرفي للديون حسين فتحي 2 

ومن تقدير الله أن صاحب ظهور الأزمة الاقتصادية المالية نشوء الصكوك الإسلامية التي قامت على الفكرة ذاتها وهي توفير السيولة إلا أن هيكلتها وفلسفتها تقوم علي أسس مختلفة اختلافا كبيرا . وهذا ما يستدعي بحث الصكوك الإسلامية مع التوريق للمقارنة والتقويم

وقد كان من الخير لمنطقة الخليج والدول العربية عامة أن هذا المنتج القائم علي توريق الديون لم يتمكن من اقتصاديات المنطقة ، وإنما هو في بداياته ومع ذلك فقد  عمل عمله البليغ في الاقتصاد الذي تعاني من آثاره وويلاته اقتصاديات المنطقة وتئن ألما تحت وطأته .

 ولذا قسمت البحث مقارنا بين المنتجين ، وبالمقابلة يمكن الكشف عن المنتجين من حيث الفكرة والتأصيل والهيكلة والآثار .

وقد جعلت البحث حسب الفقرات التالية

أولا : مفهوم التوريق والتصكيك

ثانيا:  العناصر الرئيسية في عقد التوريق وخصائصه

ثالثا : أساليب التوريق

رابعا: أطراف عملية التوريق

خامسا: غايات التوريق

سادسا: أطراف عملية الصكوك

سابعا: خصائص الصكوك

ثامنا: صفة مصدر الصك وحامله

تاسعا: غايات التصكيك

عاشرا: الفروق بين التوريق والتصكيك وشروط التطبيق

حادي عشر: البديل الإسلامى لتوريق الديون

 ثاني عشر: حكم التوريق والتصكيك وتطبيقاتهما

 

والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل

 الشيخ عجيل جاسم النشمي

 

 

 

أولا : مفهوم التوريق (2)([1] والتصكيك

التوريق المصرفيSecuritization :

هو أداة مالية مستحدثة تفيد قيام مؤسسة مالية بحشد مجموعة من الديون المتجانسة والمضمونة كأصول ، ووضعها في صورة دين واحد معزز ائتمانيا ، ثم عرضه على الجمهور من خلال منشأة متخصصة للاكتتاب في شكل أوراق مالية ، تقليلا للمخاطر ، وضمانا للتدفق المستمر للسيولة النقدية للبنك .

لذلك يتمثل مصطلح التوريق أو التسـنيد في تحويل القروض إلى أوراق ماليـة قابلة للتداول أي تحويل الديـون من المقرض الأساسي إلى مقرضين آخرين ([2]) .

أو بمعنى آخر : فإن التوريق المصرفي عبارة عن تحويل الحقوق المالية التي تمثل مجموعة من الديون عقارية ومنقولة إلى أوراق مالية مضمونة بتلك الديون قابلة للتداول . فهي في الحقيقة بيع للديون لغير من هي عليهم  .

وقد شاع هذا المصطلح ” التوريق المصرفي ” في الأوساط المالية التقليدية، ويمكن مقابلته بمصطلح ” التصكيك ” في المؤسسات المالية الإسلامية ، وهو وإن كان الغرض متقاربا إلا أن المضمون متباين إلى حد كبير أو هكذا ينبغي أن يكون.

ويقصد بالتصكيك عملية تحويل جزء أو مجموعة من الأصول – غير السائلة والمدرة لدخل يمكن التنبؤ به التي تمتلكها المؤسسة إلى أوراق مالية قائمة على الشراكة في منافع هذه الأصول خلال فترة معنية، فالتصكيك يعني تحويل أو تقسيم أصل أو أكثر إلي صكوك : أي وثائق اسمية أو لحاملها متساوية القيمة تمثل حقوق ملكية شائعة في أعيان أو منافع أو خدمات ، قابلة للتداول، ويشترك حملتها في الأرباح والخسائر، تصدر وفق شروط محددة، ووفق نشرة إصدار([3]) .

ثانيا:  العناصر الرئيسية في عقد التوريق وخصائصه :

يقوم التوريق على العناصر الرئيسية التالية :

1 – المقترض سواء كان شخصا طبيعيا أو اعتباريا : وقد يكون الغرض من الاقتراض هو مواجهة التعثر المالي أو إعادة الهيكلة ، أو الاستعانة بالأموال المقترضة للوفاء بديون حل تاريخ استحقاقها ، وإحلال دين القرض طويل الأجل محل هذه الديون .

 

2 – الأصول موضوع التوريق : يتجسد الدين في صورة سندات مديونية ، والأصول الضامنة للدين محل التوريق دائما ما تكون أصولا ذات قيمة مرتفعة ؛ لذلك غالبا ما تكون حقوق رهن رسمي للبنك على عقارات أو منقولات يملكها الراهن الذي يدين للبنك.

3 – الخطوات السابقة لعملية التوريق : يسبق إجراء عملية التوريق خطوات متعددة تنتهي باتفاق البنك الذي ينشد الحصول على سيولة نقدية سريعة لديونه مقابل نقل ملكية الأصول ، وتتمثل الخطوات التمهيدية لذلك في قيام البنك أو المؤسسة المالية باستطلاع رأي عملائه المدينين فيما ينوي عمله في شأن توريق ديونهم ، وفى حالة موافقتهم فإن على البنك تنظيم تفاصيل العلاقة الجديدة بين المدينين والدائن الجديد .

هناك أيضاً العديد من المهام التي تتم في إطار عمليات التوريق ، والتي تحتاج لعناية وتخصص ، وفى مقدمتها : التقييم الواقعي لقيمة الأصول ، وتحديد السعر الملائم للأوراق المالية المزمع طرحها للاكتتاب ، والتخطيط لبرامج الترويج للاكتتاب ، وإعداد الدراسات الخاصة بالتدفقات النقدية ، … الخ .

4 – إدارة الأصول : على الرغم من انتقال ملكية الأصول الضامنة للوفاء بقيمة الأوراق المالية المصدرة من الذمة المالية للبنك القائم بالتوريق للدائنين الجدد، فإن الممارسة العملية أثبتت أنه في معظم الصفقات يناط بهذا البنك مهام إدارة واستثمار محفظة هذه الأصول وضماناتها أثناء إنجاز أو تنفيذ عمليات التوريق.

ومعظم عمليات التوريق التي تجريها البنوك والمؤسسات المالية التقليدية حول العالم تتم مقابل الديون التي في ذمة عملائها (المدينون)، بحيث تقوم البنوك والمؤسسات المالية بتحويل هذه الديون التي لديها إلى أوراق مالية قابلة للتداول في الأسواق المالية Marketable Securities والاستفادة من حصيلة بيع هذه الأوراق لتوفير سيولة جديدة يمكن استخدامها في تقديم تمويل جديد، أو توظيفها في مجالات استثمارية مربحة .

وتنفذ عمليات توريق الديون مؤسسات مالية دولية ضخمة غالبا ما تكون تابعة أو منبثقة عن مؤسسات مصرفية أو بنوك أجنبية، وتعتبر إنكلترا من أكثر دول العالم تميزا في عمليات التوريق، ويتم تنفيذ هذه العمليات عن طريق قيام هذه المؤسسات المالية الكبرى بشراء ديون الشركات المحلية بإحدى العملات الأجنبية، مضافا إليها تكلفة خدمة الدين، بعد خصمها بمعدل خصم مناسب يتم الاتفاق عليه، ومن ثم تحويل هذه الديون إلى أوراق مالية قابلة للتداول في الأسواق العالمية .

وتسدد قيمة هذه الديون بالكامل إلى الجهة الدائنة (البنك المحلي مثلا)، وفي الوقت نفسه تتم إعادة هيكلة سداد تلك الديون، وعادة ما يكون لفترة أطول، مع منح فترة سماح تتناسب مع ظروف المدينين، كما يشترط لتنفيذ تلك العمليات قيام الدائن (البنك أو المؤسسة المالية) بضمان الأوراق المالية التي يتم إصدارها في كل عملية .

 

 

ثالثا : أساليب التوريق :

يتم التوريق بأحد الأساليب الثلاثة الآتية :

1 – استبدال الدين :

إن تحقيق عملية التوريق من خلال هذا الأسلوب يسمح باستبدال الحقوق والالتزامات الأصلية بأخرى جديدة ، غير أنه يقتضي الحصول على موافقة جميع الأطراف ذات الصلة بالقرض على إمكانية تحويله كلياً أو جزئياً – إلى ورقة مالية.

2 – التنازل :

ومؤداه التنازل عن الأصول لصالح الدائنين أو المقرضين ، ويشيع استخدام هذا الأسلوب في توريق الذمم الناشئة عن بيع بعض الأصول أو إيجارها ، ففي عقدي الإيجار والبيع يتم الاستمرار في دفع الأقساط إلى الممول الأصلي الذي يقوم بدوره إما بتحويلها إلى مشتري الذمم المدينة أو تسديدها ضمن سلسلة من الحوالات متفق عليها عند التعاقد على التوريق وبالمقابل يقوم باسترداد المبلغ من المؤجرين .

3 – المشاركة الجزئية :

يتضمن هذا الأسلوب بيع الذمم المدينة من قبل الدائن الأصلي إلى مصرف متخصص بشراء الذمم وتمويلها ، ولا يتحمل بائع الدين بعدها أي مسئولية فيما لو عجز المدين عن التسديد ، لذلك يجب على مشتري الدين التأكد من أهلية المدين وجدارته الائتمانية ويلاحظ أن هناك طرقا عديدة لحماية هذا المشتري تتراوح بين حصوله على ضمانة عقارية وحقوق إدارة الدين كوصي عليها ([4]) . 

 

رابعا: أطراف عملية التوريق

 بناء على ما سبق يمكن بيان الأطراف المعنية في عملية التوريق كما يلي

1 – مصدر الصك الاستثماري (منشأ الأصل):

وهو من يستخدم حصيلة الاكتتاب ، ومصدر الصك قد يكون شركة أو فردا أو حكومة أو مؤسسة مالية، وقد ينوب عن المصدر في تنظيم عملية الإصدار مؤسسة مالية ذات غرض خاص SPV مقابل أجر أو عمولة تحددها نشرة الإصدار.

2 – وكيل الإصدار:

وهو مؤسسة مالية وسيطة ذات غرض خاص SPV تتولى عملية الإصدار، وتقوم باتخاذ جميع إجراءات التوريق نيابة عن المصدر مقابل أجر أو عمولة تحددها نشرة الإصدار، وتكون العلاقة بين المصدر ووكيل الإصدار على أساس عقد الوكالة بأجر .

3 – المشتري (المستثمر أو المستثمرون) :

و قد يكون بنكا أو مؤسسة مالية محلية أو عالمية كبرى ذات ملاءة مالية عالية، حيث إن مثل هذه المؤسسات قد تتمتع بمعدلات سيولة مرتفعة غير مستغلة، مما يشجعها على الدخول في عمليات توريق بهدف استغلال هذه السيولة الفائضة في عمليات تحقق عوائد مرتفعة نسبيا .

4 – أمين الاستثمار :

هو المؤسسة المالية الوسيطة التي تتولى حماية مصالح حملة الصكوك والإشراف على مدير الإصدار، وتحتفظ بالوثائق والضمانات، وذلك على أساس عقد الوكالة بأجر تحدده نشرة الإصدار.

5 – وكالات التصنيف العالمية :

تقوم هذه الوكالات بدور أساسي في تصنيف الإصدارات المالية التي تطرح في أسواق رأس المال، وتحديد السعر العادل للأوراق المالية المصدرة، وأهم هذه الوكالات: Moody”s , Fitch , Standard & Poor، كما توجد في الوقت الحالي وكالات تصنيف إسلامية تقدم إلى جانب ذلك خدمة تصنيف الجودة الشرعية، مثل: الوكالة الإسلامية الدولية للتصنيف IIRA ومقرها البحرين، وكذلك الوكالة الماليزية للتصنيف RAM ([5]) .

 

 

خامسا: غايات التوريق :

 

لعل السبب الرئيسي الذي يدفع المؤسسات المالية للالتجاء لعمليات التوريق يتمثل في التحرر من قيود الميزانية العمومية حيث تقضي القواعد المحاسبية والمالية مراعاة مبدأ كفاية رأس المال ، وتدبير مخصصات لمقابلة الديون المشكوك فيها ، وهو ما يعرقل أنشطة التمويل بشكل عام ، ويبطئ بالضرورة من دورة رأس المال ، ويقلل بالتبعية من ربحية البنك .

والتوريق في هذه الحالة يعد بديلا مناسبا حيث يسمح بتدوير جزء من الأصول السائلة الناجمة عن توريق أصوله غير السائلة الضامنة لديونه لدى الغير دون أن يحتم ذلك زيادة في الجزء المخصص للمخاطر في ميزانية البنك ، أي دون الحاجة لمخصصات مناظرة في الميزانية العمومية .

إلى جانب هذا ، أو بالتوازي معه ، ثمة مجموعة من الدوافع والأهداف لعمليات التوريق في مقدمتها ما يلي :

1 – رفع كفاءة الدورة المالية والإنتاجية ومعدل دورانها ، عن طريق تحويل الأصول غير السائلة إلى أصول سائلة لإعادة توظيفها مرة أخرى . مما يساعد على توسيع حجم الأعمال للمنشآت بدون الحاجة إلى زيادة حقوق الملكية .

2 – تسهيل تدفق التمويل لعمليات الائتمان بضمان الرهون العقارية ، وبشروط وأسعار أفضل وفترات سداد أطول .

3 – تقليل مخاطر الائتمان للاصول ، من خلال توزيع المخاطر المالية على قاعدة عريضة من القطاعات المختلفة .

4 – انحسار احتمالات تعرض المستثمرين للأخطار المالية ، وإنعاش سوق الديون الراكدة .

5 – تخفيف وطأة المديونية ، مما يساعد في تحقيق معدلات أعلى لكفاية رأس المال .

6 –  تنشيط السوق الأولية في بعض القطاعات الاقتصادية مثل العقارات والسيارات .

7 – تنشيط سوق المال من خلال تعبئة مصادر تمويل جديدة ، وتنويع المعروض فيها من منتجات مالية ، وتنشيط سوق تداول السندات .

8 – التوريق أداة تساعد على الشفافية ، وتحسين بنية المعلومات في السوق؛ لأنه يتطلب العديد من الإجراءات ، ودخول العديد من المؤسسات في عملية الإقراض ، مما يوفر المزيد من المعلومات في السوق.

9 – توفير العملات الأجنبية في حالة التوريق عبر الحدود ، فيما لو أمكن التعامل مع إحدى المؤسسات المهتمة بتحويلات العاملين في الخارج ، أو بطاقات الائتمان وغيرها الفوائد .

سادسا: أطراف عملية الصكوك :

– مصدر الصكوك ، قد يكون شركة، أو فرداً، أو حكومة، أو مؤسسة مالية، وقد تنوب عن مصدر الصكوك مؤسسة وسيطة مقابل أجر .

– حملة الصكوك، وهم من يحوزون وثائق الصكوك بأنواعها المختلفة.

– مدير الصكوك، وهي مؤسسة وسيطة تنوب عن حملة الصكوك ، مدير أو وكيل  الاستثمار، وهو من يقوم بإدارة أعمال الاستثمار بصفته وكيل الاستثمار.

.- وكالة تصنيف إئتماني ، لتصنيف الصكوك

 

سابعا: خصائص الصكوك :

·       تصدر بوحدات متساوية القيمة.

·       تمثل حصة شائعة في ملكية أعيان أو منافع أو خدمات.

·       تمثل حقوق ملكية ولا تمثل دينا على مصدرها لحاملي الصكوك.

·  يشترك حملة الصكوك في الأرباح بنسب متفق عليها، ويتحملون الخسائر كل بقدر ما يملك من حصص.

·       قابلة للتداول بعد انتهاء فترة الاكتتاب وبدء النشاط.

·       تنظم شروط التعاقد نشرة إصدار.

·       تداولها يخضع لشروط تداول ما تمثله

·       أنواع الصكوك ( القابلة للتصكيك) وتطبيقاتها

·  صكوك ملكية الأعيان، وهي وثائق متساوية القيمة تخول حاملها الحق في ملكية أعيان موجودة، أو موصوفة في الذمة.

·  صكوك ملكية المنافع، وهي وثائق متساوية القيمة تخول حاملها الحق في ملكية منافع موجودات أو منافع أعيان موصوفة في الذمة، وبيعها عن طريق تأجيرها.

·  صكوك ملكية الخدمات، وهي وثائق متساوية القيمة تخول حاملها الحق في ملكية خدمات يقدمها طرف معين، أو طرف موصوف في الذمة.

·  وأنواع أخرى من الصكوك مثل صكوك السلم و الاستصناع والمرابحة والمشاركة والمضاربة والوكالة في الاستثمار .

 

ثامنا: صفة مصدر الصك وحامله:

مصدر الصك قد يكون مالك العين الموجودة، أو المؤجرة، أو الموعود باستئجارها، أو الموصوفة في الذمة.

وقد تصدر الصكوك بغرض تقديم خدمة من طرف معين أو موصوف في الذمة، وقد تصدر الصكوك لتحصيل رأس مال السلم، أو لتصنيع سلعة، أو لتمويل شراء سلعة المرابحة، أو إنشاء مشروع أو تطويره، أو تمويل نشاط على أساس المشاركة، أو الشركة، أو المضاربة، أو على أساس الوكالة بالاستثمار، أو المزارعة، أو المغارسة ونحوها.

وأما حامل الصكوك فهو الذي يتملك الأعيان، أو المنافع، أو منافع الأعيان الموصوفة في الذمة، أو الخدمات، أو سلعة السلم، أو المصنوع، أو سلعة المرابحة، أو المشروع ذاته ، أو حصة من المحصول في صكوك المزارعة ، أو حصة من الثمرة في صكوك المساقاة ، أو حصة في الأرض في صكوك المغارسة.

 

 

 

تاسعا: غايات التصكيك :

غايات وأهداف التصكيك تلتقي جملة  مع غايات التوريق المصرفي إلا أن هناك قدرا من الاختلاف يرجع إلى الاختلاف في خصائص الصكوك السابق ذكرها ، فإن عمليات تصكيك الأصول المختلفة التي تتمتع بها المؤسسات المالية الإسلامية تمثل أحد الأدوات المالية المهمة قصيرة الأجل والتي يمكن الاستفادة منها على مستوى إدارة المطلوبات والموجودات بصورة مثلى، ويمكن أن تعطي عملية التصكيك للمؤسسات المالية الإسلامية واحدة أو أكثر من المنافع التالية :

1 – زيادة السيولة ؛ حيث إن موجودا غير قابل نسبيا للتسييل يتحول بسرعة إلى سيولة كالموجود الذي يملكه مؤجر في عقد الإجارة أو عقد الإجارة المنتهية بالتمليك إذ يتم تحويله إلى نقد يدفعه المستثمرون في الصكوك .

2 – تنويع مصادر التمويل وتوسيع قاعدة المستثمرين وتجميع رؤوس الأموال اللازمة لتمويل التوسع في النشاط والحصول على أصول جديدة تعمل على المواءمة بين آجال الأصول والالتزامات للحد من المخاطر .

3 – تخفيض متطلبات رأس المال ، فإن عملية التصكيك يمكن أن تسمح لمؤسسة المالية الإسلامية استبعاد موجودات الصكوك ([6]) .

4- التعزيز الإئتماني في التصكيك  وهو ترتيب تعاقدي حيث تحتفظ المؤسسة المالية الإسلامية أو تتحمل جزءا من التعرض لمخاطر التصكيك ، وبالتالي توفر درجة معينة من الحماية الإضافية للأطراف الأخرى . ويجب إعطاء عناية خاصة للتأكد من أن أي تعزيز ائتماني يكون متفقا مع أحكام الشريعة الإسلامية ومبادئها ويظهر من هذه الدوافع فوائد عديدة تعود لجميع الأطراف المشاركة في عملية التوريق التقليدي أو التصكيك المشروع نوجزها فيما يلي:

1- الفوائد بالنسبة للمصدر(منشأ الأصل)
يتضح مما سبق أن المصدر، الذي يكون عادة شركة أو مؤسسة، تستطيع عن طريق توريق أو تصكيك بعض أصولها المدرة للدخل أن تحصل على العديد من المنافع والفوائد أهمها ما يلي:
توفير أداة تمويلية (خارج الميزانية) ذات كلفة منخفضة بالمقارنة مع أدوات أسواق رأس المال الأخرى، خاصة في حال الحصول على تصنيف ائتماني مرتفع من وكالات التصنيف العالمية.
تعتبر أداة مناسبة لإدارة وتحييد المخاطر.
إمكانية تحويل ذمم البيوع المدينة  للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية إلى سيولة – وفق الضوابط الشرعية كما سيأتي – مما يساعد على تحسين سجلها الائتماني في السوق المصرفي، وزيادة فرص الحصول على تمويل جديد.

2- الفوائد بالنسبة للمشتري (المستثمر أو المستثمرون)

أما بالنسبة للمشتري الذي يتمثل في: البنك أو المؤسسة المالية المحلية أو العالمية التي تقوم بشراء الأصول المدرة للدخل من المالك الأصلي لها، فإن عملية التوريق أو التصكيك تحقق له المزايا والفوائد التالية:
استغلال السيولة الفائضة المتوافرة لدى هذه البنوك والمؤسسات المالية عن طريق شراء أصول مدرة للدخل، تحقق هوامش ربحية عالية تفوق معدل العائد على الفرص البديلة المتاحة في أسواق رأس المال. [7]

عاشرا: الفروق بين التوريق والتصكيك وشروط التطبيق:

تظهر أهم الفروقات بيت التوريق والتصكيك من عدة جوانب :

أ – الصكوك تقوم على موجودات قائمة حقيقة وواقعا ومالك الصك يملك نسبة شائعة في الأعيان المستثمرة ،  بينما التوريق يقوم في العادة على القروض والذمم المدينة .

ب – محل التوريق يتسع لجميع أنواع السلع والمنافع والخدمات الجائز تملكها ، وكذا ديون المرابحة والاستصناع ، مع ملاحظة الضوابط الشرعية المتعلقة بهذه الديون  .

ج- تنقل الهيكلة كلّ حقوق ملكية الموجودات من المنشئ عبر المصدر إلى المستثمرين . وحسب النظام القانوني المعمول به، فإن حقوق الملكية هذه وهناك أربعة شروط أساسية لكي يتم اعتبار صفقة ما بيعا حقيقيا يؤدي إلى نقل الملكية النفعية:

أ- يجب أن يكون النقل بشكل لا يمكن أن تعتبره محكمة أو هيئة أخرى على أنه قرض مضمون أو أن تستبعده في إجراءات إفلاس أو إعسار تشمل منشئ الموجودات، على سبيل المثال نتيجة نقل احتيالي عند توقع إفلاس أو سداد دفعة أفضلية ويجب أن لا يؤثر إفلاس أو إعسار المنشئ على الموجودات التي تم نقلها إلى الكيان المصدر . وهذا يعني بدوره أن المصدر سوف يكون قادرا على تنفيذ([8])

التحصيل والحقوق الأخرى مقابل مصادر الدخلالدافعدون أي معوقات ناتجة عن إفلاس أو إعسار المنشئ

ج – يجب أن تكون عملية النقل قابلة للإتمام بشكل كامل بناء على اختيار المصدر .

د – يجب أن يتم البيع بشكل كامل وخالٍ من جميع الرهونات السابقة  ([9]).

 

حادي عشر: البديل الإسلامى لتوريق الديون :

 

لحين حسم مسألة توريق الديون كوسيلة من وسائل إصلاح الهياكل المالية للشركات ، يكون أمامنا السبيل التالي :

·  زيادة رأس المال بإصدار أسهم عادية جديدة بضوابط شرعية منها تجنب الغبن الذي يقع على المساهمين القدامى من الجدد ، وعند المحاسبين ورجال الأعمال سبلاً شتى لذلك ، وتعتبر هذه العملية مستقلة بذاتها وهى جائزة شرعا  .

·  استخدام حصيلة البيع في سداد الديون والقروض وما في حكمها ، وهذه العملية جائزة شرعاً بشرط أن تكون مستقلة عن الأولى .

فقد ورد أن رجلاً قال للنبى r : عندى جمع – تمر ردىء – وأريد جنيبا – تمر جديد – ، ولا يعطنى أحد من غير زيادة ، فقال النبى r : ” بع الجمع بالدراهم ، واشتر بالدراهم جنيبا ” ، كما ورد أن بلالاً t أتى بتمر جنيب إلى



 

 

 

رسول الله r ، فسأله : ” من أين ؟ ” ، قال بلال : استبدلت تمرنا بهذا ، فقال r : ” هذا ربا ، فبع التمر واشتر جنيبا ” .

فيمكن أن تباع صكوك الديون بسلع عينية بدلا من بيعها بالديون – كما سأتي – ، فيمكن للبنك الإسلامي أن يشتري ألف سيارة بثمن معجل، ثم يبيعها للعملاء بثمن مؤجل، ولا حرج بعد ذلك أن يعمد البنك إلى توريق تلك الديون على عملائه، والشراء بصكوكها كمية أخرى من السيارات الحاضرة من المصنع، ثم يبيعها بثمن مؤجل، ثم يورق ثمنها، ويشتري بها سلعا حاضرة أخرى غيرها .. وهكذا.

– بإصدار صكوك بقيمـة ذمم المرابحات وطرحها للاكتتاب وهو المسمى ” ذمم البيوع المؤجلة ” ، ولكن لا يجوز تداول هذه الصكوك في السوق الثانوية؛ لأنها بذلك تدخل في بيع الدين بالنقد لغير من هو عليه، بقيمة أقل من قيمته الاسمية، وبالتالي فمن يشتري الصكوك يدفع نقدا أو أقل ويأخذ نقدا أكبر، وهذا هو الربا ([10]) .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 



(2) وتجدر التفرقة هنا بين التوريق والتورق . فيظهر من بيان مفهوم التوريق الفرق بينه وبين التورق فهما وإن اتفقا في هدف توفير السيولة إلا أن التوريق يقوم البنك بمقتضاه بنقل ملكية الأصول أو بيع المديونيات لطرف آخر ، بينما التورق يشتري بمقتضاه العميل سلعة أويشتريها له البنك وكالة بالأجل ثم يقوم ببيعها بنفسه أو البنك وكالة  لطرف ثالث بالنقد .

 

 

 

([3])  ينظر تفصيله في مسودة مشروع متطلبات كفاية رأس المال لتصكيك الصكوك والاستثمارات العقارية الصادر عن مجلس الخدمات المالية الإسلامية ، ومعيار الصكوك الصادر عن المجلس الشرعي لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية – البحرين- ، ومعيار الصكوك الصادر عن الهيئة الشرعية لسوق دبي المالي –دبي-.

([4])  التوريق سعيد عبد الخالق  8 وتوريق الديون د حسين فتحي عثمان 4

([5])  التوريق المصرفي للديون الممارسة والإطار القانوني حسين فتحي عثمان 20 .

([6])  مسودة مشروع متطلبات كفاية لرأس المال لتصكيك الصكوك والاستثمارات العقارية مجلس الخدمات المالية، وأساليب التوريق الاستثماري د سعيد عبد الخالق 34.

([7] )مسودة مشروع متطلبات كفاية رأس المال لتصكيك الصكوك والاستثمارات العقارية الصادر عن مجلس الخدمات المالية الإسلامية 10 ، ومعيار الصكوك الصادر عن المجلس الشرعي لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية – البحرين- ، ومعيار الصكوك الصادر عن الهيئة الشرعية لسوق دبي المالي –دبي-. ورساميل للتوريق وأسواق التمويل 42.

 

 

(1) مسودة مشروع متطلبات كفاية رأس المال لتصكيك الصكوك والاستثمارات العقارية الصادر عن مجلس الخدمات المالية الإسلامية 16.

([10])  البديل الإسلامي للتوريق ، مقال للدكتورعبد الحميد الغزالي والدكتور عبد الحليم عمر .

 

 

 

 

 

ثاني عشر: حكم التوريق والتصكيك وتطبيقاتهما :

التوريق كما عليه العمل في البنوك والشركات التقليدية لاخلاف في حرمته بل لا يحتمل الخلاف ، وفي ذلك جاء قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي في دورته الحادية عشرة،قرار رقم 101(4/11) ونصه : “لا يجوز بيع الدين المؤجل من غير المدين بنقد معجل من جنسه أو من غير جنسه، لإفضائه إلى الربا، كما لا يجوز بيعه بنقد مؤجل من جنسه أو غير جنسه؛ لأنه من بيع الكالىء بالكالئ المنهي عنه شرعاً، ولا فرق في ذلك بين كون الدين ناشئاً عن قرض أو بيع آجل” .

والنظر الفقهي يقتضي التفريق بين نوعين من المديونية : مديونية النقود، ومديونية السلع (عروض التجارة) كما ذكره الشيخ نزيه حماد . وبيان ذلك فيما يلي:

 أ – توريق الدين النقدي: 

– إذا كان الدين الثابت في الذمة المؤجل السداد نقودًا، فقد اتفقت كلمة الفقهاء على عدم جواز توريقه، وامتناع تداوله في سوق ثانوية، سواء بيع بنقد معجل من جنسه – حيث إنه يكون من قبيل حسم الكمبيالات، وينطوي على   ربا الفضل والنساء   باتفاق الفقهاء _ أو بيع بنقد معجل من غير جنسه، لاشتماله على   ربا النساء   ، وذلك لسريان   أحكام الصرف   عليه شرعًا. ولا فرق في ذلك الحكم بين ما إذا كان سبب وجوب الدين النقدي في الذمة قرضًا أو بيعًا أو إجارة أو غير ذلك.

– وبناءً على ذلك فلا يجوز توريق دين   المرابحة   (المصرفية) المؤجل، وتداوله من قبل   المصارف الإسلامية  ، أو الأفراد في سوق ثانوية أو عن طريق البيع المباشر بنقد معجل أقل منه، كما يجري في عمليات توريق الديون المختلفة وتداولها في   سوق الأوراق المالية ، حيث إن ذلك من الربا باتفاق أهل العلم.           

ب- توريق الدين السلعي: 

 

إذا كان الدين الثابت في الذمة – المؤجل الوفاء – سلعيًّا، بأن كان مبيعًا موصوفًا في الذمة، منضبطًا بمواصفات محددة، طبقًا لمقاييس دقيقة معروفة، سواء أكان من المنتجات الزراعية كالحبوب أو الحيوانية كالألبان ومشتقاتها أو الصناعية كالحديد والإسمنت والسيارات والطائرات أو من منتجات المواد الخام كالبترول والغاز الطبيعي أو نصف المصنعة كالنفط  وغيرها. . . فإنه يمكن تخريج جواز توريقه على قول الإمام أحمد الذي رجحه ابن تيمية وابن القيم   – وهو وجه عند الشافعية أيضًا – بجواز بيع الدين المؤجل من غير المدين بثمن معجل إذا خلا من  الربا ، وكذا على مذهب المالكية القائلين بجواز بيعه إذا لم يكن طعامًا، وسلم من الغرر والربا وبعض المحظورات العارضة الأخرى التي ذكروها، مع مراعاة ما تلزم مراعاتها من القيود والشرائط الشرعية    .

 

 

 

 

     

أماعن حكم بيع صكوك المضاربة لدى البنوك الإسلامية، التي تمثل حصصًا شائعةً في وعاء المضاربة، فيفرق في شأنها بين ثلاث حالات :

الحالة الأولى: أن تكون موجودات وعاء المضاربة سلعًا عينية. فهذه لا حرج شرعًا في بيع صكوكها بنقود معجلة أقل من قيمتها السوقية أو أكثر أو مساوية، ولا حرج أيضًا في شراء المساهم (الجديد) حصة المساهم (الخارج)، لأن ذلك كله من قبيل بيع الأعيان بالنقود المعجلة، ولا ينطوي على صريح الربا أو شبهته، وهو خالٍ أيضًا من الغرر المحظور شرعًا، والأصل فيه الحل والمشروعية.

الحالة الثانية: أن تكون موجودات وعاء المضاربة ديون مرابحات مؤجلة فقط. فهذه الديون لا يحل توريقها، ولا يجوز بيع صكوكها بنقود معجلة أقل من مقدار الديون المؤخرة، كما أنه لا يجوز شراء مساهم (جديد) حصة مساهم (خارج) بنقود ناجزة أقل من المقدار المؤجل الذي تمثله، لاشتمال ذلك على الربا باتفاق .

 الحالة الثالثة: أن تكون موجودات وعاء المضاربة خليطًا من سلع عينية (ونحوها من المنافع) وديون مرابحات. وفي هذه الحالة يفرق بين صورتين:

الأولى: أن تكون قيمة الأعيان (ونحوها من المنافع) أكثر من مقدار الدين الموجود في الوعاء، وعندها يسري على هذه الصورة حكم الحالة الأولى، وهو الحل والجواز.

 الثانية: أن تكون قيمة الأعيان والمنافع   أقل من مقدار دين المرابحة، وعندها يسري على هذه الصورة حكم الحالة الثانية، وهو الحرمة   والحظر  .

وقد جاء تأكيد ذلك في قرار مجلس مجمع الفقه الإسلامي   بجدة   حول   سندات المقارضة  وسندات الاستثمار وقد اشترط لقبول صكوك المضاربة

 

عناصر ثالثها :

– أن تكون  صكوك المقارضة   قابلة للتداول بعد انتهاء الفترة المحددة للاكتتاب، باعتبار ذلك مأذونًا فيه من المضارب عند نشوء السندات ، مع مراعاة الضوابط التالية:

أ- إذا كان مال القراض المتجمع بعد الاكتتاب وقبل المباشرة في العمل بالمال ما يزال نقودًا، فإن تداول صكوك المقارضة يعتبر مبادلة نقد بنقد، وتطبق عليه   أحكام الصرف   .

ب- إذا أصبح مال القراض ديونًا، فتطبق على تداول صكوك المقارضة أحكام تداول التعامل بالديون.

ج- إذا صار مال القراض موجودات مختلطة من النقود والديون والأعيان والمنافع، فإنه يجوز تداول صكوك المقارضة وفقًا للسعر المتراضى عليه، على أن يكون الغالب في هذه الحالة أعيانًا ومنافع . أما إذا كان الغالب نقودا أو ديونا فتراعى في التداول الأحكام الشرعية (1)في أحكام بيع النقود والديون .

غير أن عدم جواز توريق المديونية النقدية باعتباره لونًا من حسم الأوراق التجارية  لا يعني إغلاق باب المشروعية بالكلية أمام فكرة توريق الدين النقدي، وذلك لأننا لو طورنا مفهوم التوريق التقليدي السائد، ووضعنا بعض القيود الشرعية على ممارساته لأمكننا الخروج بصورة مقبولة شرعًا للتوريق.

وبيان ذلك: أننا لو صككنا الدين النقدي المؤجل على أساس قصر مبادلته على   عروض التجارة   (أي السلع العينية) الحاضرة، بأن يجعل ثمنًا لها، لكان ذلك جائزًا شرعًا.(2)

 

 

 

(1)  القرار رقم (5) د 4 / 08 / 88 (الدورة الرابعة للمجمع المنعقدة بجدة ما بين 6- 11 فبراير 1988م). و أنظر : بحث بيع الدين أحكامه وتطبيقاته المعاصرة للدكتور نزيه كمال حماد 18 ومابعدها مجلة مجمع الفقه الإسلامي الولي الدورة الحادية عشرة المجلد الأول 157- 194

والمعيار الشرعي رقم(17) ” صكوك الاستثمار” فقرة 5/2 الصادر عن المجلس الشرعي لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية

(2)  بحث الدكتور نزيه السابق .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شاهد أيضاً

الوطن والمواطنة في ميزان الشريعة الإسلامية

الوطن والمواطنة في ميزان الشريعة الإسلامية

التحوط في المعاملات المالية

بحث التحوط في المعاملات المالية

تحويل البنوك التقليدية لبنوك اسلامية ( المبادئ والضوابط والإجراءات )

تحويل البنوك التقليدية إلى بنوك اسلامية